قال محمد: ولا أرى هذا تقوية للفعل على الحرف، لأن الاسم أيضا تستغني به الحروف عن الفعل في قولك: زيد من بني تميم، وأنا منك وإليك، وأنا في الدار، فهذه بمنزلة قام زيد، ولكن الوجه في تقوية الفعل على الحرف أن يقول: ثم الفعل لمضارعته الاسم ووقوعه في معناه، يعني موقع يضرب وما أشبهه "من ضارب وما أشبهه"، إذ كانت الأسماء قد صح تقدمها.

قال أحمد: هذا الإلزام فاسد، وليس هو بناقض، لأن سيبويه أتى بحكمين، فلم /55/ يقابل واحدا منهما بنقض، وذلك أنه قال: "إن" الحروف التي للمعاني لا تستغني عن الاسم [والفعل] ولا بد لها من أحدهما، وسبيل الناقض لهذا القول أن يطرح منه حرف النفي ويجعله موجبا فيقول: إنها قد تستغني عن الاسم والفعل في حال، ولن يجد ذلك لأن الحرف لا يوجد في الكلام إلا متشبثا باسم أو فعل، والحكم الآخر أنه قال: إن الاسم والفعل قد يستغيثان، فكان نقض هذا بالنفي وهو أن يقول: لا يستغنيان في حال، وقد استغنينا في مثل قولنا: قام زيد.

فأما قوله: إن الحروف قد تستغني بالاسم عن الفعل في مثل قولنا: زيد في الدار، وهو منك وإليك، فليس هذا بنقض لقوله: إنها لا تستغني عن أحدهما، لأنها إن احتاجت إلى الاسم فهو أحدهما وإن احتاجت إلى الفعل فكذلك، لأن من الحروف ما يدخل على الأسماء مثل: من، وإلى، ومنها ما يدخل على الأفعال مثل: قد وسوف، فإنه لا بد لها من الفعل، ولا يستغنيان بالاسم دونه، ولم يقل: إن جميع الحروف لا تستغني عن الفعل، فيلزمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015