أرى أنا وجه اختياره بحجة ترجحه، وهذه مسألة تكلموا فيها بآرائهم، وسبيلها أن ترد إلى الأشبه من مذاهب العرب وكلامهم، وكلا الرجلين- أعني الخليل ويونس- قد ذهب مذهبا حسنا إلا أن قول الخليل أقوى، وذلك أن الإتمام أصل والحذف عارض للكلمة لأسباب توجبه، وليس ها هنا سبب أراناه سيبويه غير ما قال من أن النداء باب حذف، يقولون فيه: يا حار ويحذفون التنوين، والأسماء فيه قد تأتي على التمام غير محذوفة ولا مرخمة، فالتمام أولى به لأنه الأصل، إذ لم يسمع قول العرب فيتبعها، وكان الباب قد يقع فيع التمام والمحذوف، فتركه على التمام أولى لأنه الأصل.

فإن زعم أنهم يحذفون التنوين في النداء حذفا مطردا، فهذا أدعى إلى أن يدع الياء لا يحذفها، لأن حذف التنوين يوجب رد الياء في قاض، فلما كان السبب الذي يوجب حذف الياء متروكا في النداء وجب ردها في هذا الباب الذي قد أمن فيه السبب الموجب حذفها، كما وجب ردها مع الألف واللام إذا قلت: هذا القاضي، لأن التنوين قد أمن مع الألف واللام كما أمن في النداء: فلزم ردها في البابين كما قال الخليل.

مسألة [121]

ومن ذلك قوله في باب عدد ما يكون عليه الكلام: [كان] الاسم أولا ثم الفعل ثم الحرف، ألا ترى أنك تذكر الاسم فتستغني عن الفعل، تقول: هذا زيد، وأخوك عمرو، ولا يستغني الفعل عن الاسم، ولا تستغني هذه الحروف التي للمعاني عن الاسم والفعل، ويستغنيان عنها، تقول: يفعل زيد، فيستغنيان عنها، ولا بد لها من أحدهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015