رابع ثلاثة عشر، فإنما معناه رابع عشر ثلاثة عشر، وحذفت (عشر) الأولى ودلت عليها الثانية، وهذا شيء فعلته العرب، بنت فاعلا من الصدر لما لم يجز أن تبنيه من اللفظين، وليس الحذف ها هنا بقياس قاسه النحويون، ومثل ذلك من كلامهم النسبة إلى المحكي نحو: تأبط شرا إنما تقول: تأبطي فتنسب إلى الصدر، ولو لزمه أن يبني فاعلا من لفظين في رابع ثلاثة عشر للزمه ذلك في رابع أربعة عشر، فإن قال: إنه بنى رابعا من أربعة وحذف (عشرا) استخفافا، فكذلك هو في رابع ثلاثة عشر، بنى رابعا من أربعة وحذف (عشر) استخفافا، ولا فرق بينهما غير مخالفة لفظ أربعة للفظ ثلاثة، فأما بناء فاعل في الوجهين فمن لفظة واحدة، وحذفت الأخرى، وكان ما أبقوا دليلا على ما ألقوا، واستعملت العرب "الحذف" استعمالا مطردا في الوجهين، ومنهم من يأتي بعشر فيقول: رابع عشر ثلاثة عشر، والحذف أجود وأكثر.

فأما قوله: إذا أردت بفاعل الاسم بناؤه وكان معناه أحد أربعة عشر، وإذا أردت به الفعل لم يجز، فهذا تحكم بغير علة، وقد جعلت العرب حكم هذا الباب أن تبني فاعلا من الأول كما ينسب إلى اللفظة الأولى، ولم يرنا الراد علة مانعة من الوجه الآخر الذي على معنى الفعل غير قوله: يلزمك إذا أردت به الفعل أن تبني فاعلا من لفظتين، ولا فرق في اللفظ بين فاعل إذا أردت به الفعل وبين فاعل إذا أردت به الاسم في الاشتقاق، وإنما يقع الفرق في النية إذا نويت به الاسم ولم ترد إيقاع الفعل، فأما في لفظ الاشتقاق فهما سواء، ألا ترى أن ضارب زيد أمس، وضارب زيدا غدا، اشتقاقهما واحد واللفظ بهما سواء، وإن كنت تريد بالمستقبل إيقاع الفعل وبالماضي الاسم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015