وكيف يتصور أن يبذل ماله بالنذر والذبح- مع أن المال عزيز عند أهله – لمن لا يرجوه, ويعتقد أنه لا يحصل له من جهته نفع ولا دفع ضر! فهذا من أبين المحال وأبطل الباطل.
كيف وهم يفتخرون بقضاء حاجاتهم، وكشف كرباتهم من جهتهم: فبعض منهم يعتقد (?) أن الميت ونحوه يفعل ذلك أصالة, وبعضهم يقول: هم وسيلتنا إلى الله, يعنون: واسطة بينهم وبين الله, كما عليه المشركون الأولون؛ كما أخبر الله عنهم أنهم يقولون: {هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} (?) {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (?) .
بل كثير من مبتدعة هذه الأمة: أعظم غلوا واعتقادا في ولائجهم من المشركين الأولين؛ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن المشركين الموجودين حين نزول القرآن: أنهم يخلصون لله الدعاء في حال الشدة, وينسون آلهتهم.
وكثير من غلاة أهل هذا الزمان: يخلصون الدعاء عند الأمور المهمة والشدائد لولائجهم, كما هو مستفيض عنهم.
قال الله تعالى إخبارا عن المشركين الأولين (?) {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (?) .
وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ