"وقد تركت فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عنِّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنَّك قد بلَّغت وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللَّهمَّ اشهد! اللَّهمَّ اشهد! ثلاث مرَّات".
فالحديث صحيح، فكيف يزعم بأنَّه ضعيف، وكما أنَّه ثابتٌ من حيث الإسناد فأيُّ غرابة فيه من حيث المتن، والله عزَّ وجلَّ يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ، وقال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ؟! وليس بأيدي المسلمين إلاَّ التمسك بكتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك" حديث صحيح، رواه ابن أبي عاصم في السنة (48) عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، ورواه أيضاً من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه (47) .
والذي ترك الناسَ عليه كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأمَّا حديث ذِكر عترته أهل بيته صلى الله عليه وسلم مع الكتاب فلا يُنافي حديث ذكر الكتاب والسنَّة؛ لأنَّ أهلَ بيت الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل السنَّة والجماعة هم زوجاته وكلُّ مسلم ومسلمة من نسل عبد المطلب بن هاشم، وهم الذين لا تحلُّ لهم الصدقة، وإنَّما خصَّ أهل البيت لاطلاعهم على كثير من أموره صلى الله عليه وسلم، ولهذا فأمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها روت الكثيرَ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور المتعلِّقة ببيته وغيرها، وكذا ابن عمِّه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد روى الكثير من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا غيرهم من أهل البيت وغير أهل البيت رووا سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل السنَّة يُعوِّلون على الكتاب وكلِّ ما صحَّت به السنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء جاءت عن أهل