الثاني: حديث: "تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبداً: كتاب الله وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم"، قدح المالكيُّ في حديث الاعتصام بالكتاب والسنَّة، فقال في (ص: 71 ـ حاشية) : "الحديث (تركتُ فيكم ثقلين لن تضلُّوا ما تَمسَّكتم بهما: كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، حديث صحيح، بل عدَّه بعضُ العلماء متواتراً، وأصله في صحيح مسلم، وقد عارضه بعض جهلة أهل السنَّة بحديث: ( ... كتاب الله وسنَّتي) ، وهو حديث ضعيفٌ عند محقِّقي أهل السنَّّة، مع أنَّه يُمكن الجمع بينهما!! ".

ويُجاب عن ذلك: بأنَّ الحديث صحيحٌ ثابتٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رواه الحاكم في مستدركه (1/93) عن ابن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناسَ في حجَّة الوداع، فقال: "قد يئس الشيطان بأن يُعبد بأرضكم، ولكنَّه رضي بأن يُطاع فيما سوى ذلك مِمَّا تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا! يا أيُّها الناس! إنِّي قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبداً: كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم" الحديث، ثم قال الحاكم: "قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة، واحتجَّ مسلم بأبي أويس، وسائر رواته متفق عليهم، وهذا الحديث لخطبة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم متفقٌ على إخراجه في الصحيح: "يا أيُّها الناس! إنِّي قد تركتُ فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله وأنتم مسؤولون عنِّي فما أنتم قائلون؟ " وذِكرُ الاعتصام بالسنَّة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليه، وقد وجدتُ له شاهداً من حديث أبي هريرة"، ثم ساق بإسناده عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلُّوا بعدهما: كتاب الله وسُنَّتي، ولن يتفرَّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض".

وأصل الحديث في الصحيح الذي أشار إليه الحاكم هو ما جاء في حديث جابر الطويل في صفة حجَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (1218) ، وفيه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015