عوف يريد من هذا الشرط أن يتذكَّر الوالي الجديد سيرةَ أبي بكر وعمر اللَّذين لم يوليا أحداً من أقاربهما، فكأنًَّه يريد إبراء ذمَّته بأخذ هذا العهد، فكان من حسن حظ عثمان أيضاً أنَّ عليًّا لن يوافق على هذا الشرط؛ إذ كان يرى فيه تقييداً لسياسة الوالي الجديد، وإلزاماً له بأمر غير ملزم شرعاً، فلذلك عاهد علي عبد الرحمن بن عوف على العمل بالكتاب والسنَّة فقط، أمَّا اشتراط سنَّة الشيخين فلم ير له مستنداً شرعيًّا، وكان علي عالماً من علماء الصحابة معتزًّا بعلمه وفقهه لا يُقلِّد أحداً، وكان يخطِّئ عمر في كثير من القضايا والأحكام، ويناقشه ويردُّ عليه، فيرجع عمر إلى رأيه وفتاواه، ويقول: (لولا علي لهلك عمر) ، فكأنَّ عليًّا يقول: (كيف ألتزم سيرة من كنت أعلم منه، وكان يستفيد من مشورتي ويرجع لعلمي؟!) .
إضافة لما في هذا الشرط من تقييد للاجتهاد، لكن عثمان بن عفان وافق على الشرط دون تردد، معاهداً عبد الرحمن بن عوف على العمل بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فلم يكن أمام عبد الرحمن بن عوف بُدٌّ من بيعته، وبايع علي لعثمان مع المبايعين، لكن لم يكن راضيا عن هذه الطريقة أيضاً لوجود شرط غير شرعي كان سبباً في رفضه البيعة لنفسه!!! ".
وتعليقاً على كلامه هذا أقول:
1 ـ اشتمل هذا الكلام على ألوان من سوء الظنِّ في عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين.