تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى، إلاَّ أنَّه ليس نبيٌّ بعدي؟! ".

وهو لا يدلُّ لهم؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما قال ذلك تطييباً لنفس عليٍّ رضي الله عنه لَمَّا قال له: أَتُخلِّفنِي في الصبيان والنساء؟ وهذا الاستخلاف إنَّما هو مدَّة سفره إلى تبوك، كما أنَّ استخلاف موسى لهارون كان مدَّة ذهابه لمناجاة الله، فهذا هو المراد بالتشبيه، فالمشبَّه استخلاف النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ مدَّة غيبته، والمشبَّه به استخلاف موسى لهارون مدَّة غيبته، إلاَّ أنَّ المشبَّه به نبِيٌّ استخلف نبيًّا لوجود الأنبياء في زمن واحد، وأمَّا نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنَّه لا نبِيَّ بعده، لا في زمانه ولا بعد زمانه.

وليس فيه دلالة على أحقِّيَّة علي بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4 ـ ما أشار إليه من أولوية علي رضي الله عنه بالخلافة لكونه قد أكثر القتلَ في كفار قريش، أقول: إنَّ كثرةَ القتل لا تعتبر دليلاً على الأولوية، ومن المعلوم أنَّ بعضَ من تأخَّر إسلامُهم كانت نكايتهم بالعدوِّ أشدَّ مِمَّن هو أفضل منهم مِمَّن تقدَّم إسلامُهم، وإنَّما التفضيل والتقديم في الخلافة يُعوَّل فيه على الأدلَّة.

5 ـ ما أشار إليه من ورود حديثين في صحيح مسلم، أحدهما في الأنصار، والثاني في عليٍّ، يدلاَّن على أنَّه لا يحبُّهم إلاَّ مؤمنٌ ولا يبغضهم إلاَّ منافقٌ، أقول: إنَّ الحديثَ في الأنصار جاء في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، ولفظه: "الأنصار لا يحبُّهم إلاَّ مؤمنٌ ولا يبغضهم إلاَّ منافقٌ، فمَن أحبَّهم أحبَّه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله" رواه البخاري (3783) ومسلم (129) ، وأيضاً من حديث أنس رضي الله عنه، ولفظه: "آيةُ الإيمان حبُّ الأنصار، وآيةُ النِّفاق بغضُ الأنصار" رواه البخاري (3784) ومسلم (128) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015