أخرجها من الفاعلية التي تخاطب العواطف والمشاعر إلى نظام مركب لا يخاطب إلاَّ العقول المحضة التي تذهب في تفسيرها كلَّ مذهب.
وأكثر ما نجد هذا عند أصحاب العقيدة السلفية، فإنَّهم يقتطعون الشواهد من السياقات، ويُبطلون مفعول السياق، ولا يحترمون ذلك الأسلوب وذلك الموضوع التي وردت ضمنه، ويجعلونها مشبعة لاتِّجاهاتهم في تفسيرها!! ".
ثمَّ ضرب لذلك أمثلة تخبَّط فيها حسب فهمه الخاطئ ورأيه الباطل المبنيِّ على متابعة أهل الكلام.
وكما أنَّني لم أرُد على المالكي في كلِّ هذيانه، فكذلك سأقتصرُ على الردِّ على هذا النابتة في بعض هذيانه.
ومن ذلك قوله (ص: 248) : "ومن المشاكل التي واجهت قرَّاء كتب العقيدة السلفية أنَّ الاقتطاع للنصوص من سياقها أصبح سِمة عامَّة لها، وذلك أدَّى إلى إبطال مفعولها النفسي وأثرها الروحي على المتلقين، فأصبح المتلقي حين يتلقَّاها ـ وقد اجتثت من سياقها الذي ورد في الترغيب أو الترهيب ضمن معان سامية ـ لا يمكن أن تتوطد في النفس، ولا أن تؤثر في القلب إلاَّ بورود هذه الألفاظ فيها، فعمد السلفيُّون إليها واستخرجوها من ذلك الإطار الكلامي الرائع حتى أصبحت عندهم لا تؤدِّي معنى إلاَّ معنى واحداً فقط، وهو أنَّ لله يداً أو وجهاً، ويكون السياق الذي وردت فيه قد بطل من أوَّله إلى آخره!! ...
اقرأ مثلاً قوله عزَّ وجلَّ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} الآية، انظر إلى لفظة {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} في هذا الكلام المفعم بهذا البيان وهذا الإعجاز في