أطولكنَّ يداً، قالت: فكنَّ يتطاولنَّ أيَّتهنَّ أطول يداً، قالت: فكانت أطولنا يداً زينب؛ لأنَّها كانت تعمل بيدها وتصدَّق".

وأمَّا ما جاء في صحيح البخاري (1420) عن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ بعضَ أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قلن للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أيُّنا أسرع بك لحوقاً؟ قال: أطولكنَّ يداً، فأخذوا قصبة يذرعونها، فكانت سودةُ أطولَهنَّ يداً، فعلمنا بعدُ أنَّما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقاً به وكانت تحبُّ الصدقة"، فيُفهم منه أنَّ سودةَ رضي الله عنها أطولهنَّ يداً حقيقة، ثمَّ لَمَّا ماتت زينب قبل غيرها من أمَّهات المؤمنين عُلم أنَّ المراد بطول اليد طولها بالصدقة، فكانت رواية مسلم مفسِّرةً لرواية البخاري.

وقد قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث عند البخاري: " (فعَلِمْنا بعدُ) أي: لَمَّا ماتت أولُ نسائه به لحوقاً"، وقال أيضاً: "ويؤيِّده أيضاً ما روى الحاكم في المناقب من مستدركه من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: "أسرعكنَّ لحوقاً بي أطولكنَّ يداً، قالت عائشة: فكنَّا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نَمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأةً قصيرةً ولَم تكن أطولَنا، فعرفنا حينئذ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما أراد بطول اليد الصدقة، وكانت زينبُ امرأةً صنَّاعة باليد، وكانت تدبغ وتخرز وتصدَّق في سبيل الله) ، قال الحاكم: على شرط مسلم، انتهى، وهي رواية مفسِّرة مبيِّنة مرجِّحة لرواية عائشة بنت طلحة في أمر زينب".

وقوله صلى الله عليه وسلم: "أسرعكنَّ لحوقاً بي أطولكنَّ يداً" هو لفظ محتمل لمعنيين، وهو في أحدهما أظهر من الآخر، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أراد أحدَهما، وفهم أزواجُه صلى الله عليه وسلم المعنى الآخر، ولا يُقال عن فهم أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّه خطأ؛ لأنَّه المتبادَر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015