وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تنازعوا الْأَمر أَهله) فَكَمَا يرجع فِي معرفَة مَذَاهِب الْفُقَهَاء الَّذين صَارُوا قدوة فِي هَذِه الْأمة إِلَى أهل الْفِقْه وَيرجع فِي معرفَة اللُّغَة إِلَى أهل اللُّغَة وَيرجع فِي معرفَة النَّحْو إِلَى أهل النَّحْو فَكَذَلِك يجب أَن يرجع فِي معرفَة مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِلَى أهل النَّقْل وَالرِّوَايَة لأَنهم عنوا بِهَذَا الشَّأْن وَاشْتَغلُوا بحفظه والتفحص عَنهُ وَنَقله ولولاهم لاندرس علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يقف أحد على سنته وطريقته
فَإِن قَالَ قَائِل إِن أهل الْفِقْه مجمعون على قَول الْفُقَهَاء وَطَرِيق كل وَاحِد مِنْهُم فِي الْفُرُوع وَأهل النَّحْو مجمعون على طَرِيق الْبَصرِيين والكوفيين فِي النَّحْو وَكَذَلِكَ أهل الْكَلَام مجمعون على طَرِيق كل وَاحِد مِنْهُم من متقدميهم وسلفهم فَأَما مَا يرجع إِلَى العقائد فَلم يجْتَمع أهل الْإِسْلَام على مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ وَأَصْحَابه بل كل فريق يَدعِي دينه وينتسب إِلَى مِلَّته وَيَقُول نَحن الَّذين تمسكنا بِملَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاتَّبَعنَا طَرِيقَته وَمن كَانَ على غير مَا نَحن عَلَيْهِ فَهُوَ مُبْتَدع صَاحب هوى فَلم يجز اعْتِبَار هَذَا الَّذِي تنازعنا فِيهِ بِمَا قُلْتُمْ
الْجَواب أَن كل فريق من المبتدعة إِنَّمَا يَدعِي أَن الَّذِي يَعْتَقِدهُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَنهم كلهم يدعونَ شَرِيعَة الْإِسْلَام ملتزمون فِي