وَكَذَلِكَ فِي كثير من الْأَخْبَار الَّتِي قضيتها الْعلم تُوجد بَين النَّاس فَيحصل لَهُم الْعلم بذلك الْخَبَر وَمن رَجَعَ إِلَى نَفسه علم ذَلِك
وَاعْلَم أَن الْخَبَر وَإِن كَانَ يحْتَمل الصدْق وَالْكذب وللظن والتجوز فِيهِ مدْخل لَكِن هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ لَا يَنَالهُ أحد إِلَّا بعد أَن يكون مُعظم أوقاته وأيامه مشتغلا بِعلم الحَدِيث والبحث عَن سيرة النقلَة والرواة ليقف على رسوخهم فِي هَذَا الْعلم وكنه معرفتهم بِهِ وَصدق ورعهم فِي أَحْوَالهم وأقوالهم وَشدَّة حذرهم من الطغيان والزلل وَمَا بذلوه من شدَّة الْعِنَايَة فِي تمهيد هَذَا الْأَمر والبحث عَن أَحْوَال الروَاة وَالْوُقُوف على صَحِيح الْأَخْبَار وسقيهما
وَلَقَد كَانُوا رَحِمهم الله وَأنزل رضوانه عَلَيْهِم بِحَيْثُ لَو قتلوا لم يسامحوا أحدا فِي كلمة يتقولها على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا فعلوا هم بِأَنْفسِهِم ذَلِك وَقد نقلوا هَذَا الدّين إِلَيْنَا كَمَا نقل إِلَيْهِم وأدوا على مَا أُدي عَلَيْهِم وَكَانُوا فِي صدق الْعِنَايَة والاهتمام بِهَذَا الشَّأْن بِمَا يجل عَن الْوَصْف وَيقصر دونه الذّكر
وَإِذا وقف الْمَرْء على هَذَا من شَأْنهمْ وَعرف حَالهم وَخبر صدقهم وورعهم وأمانتهم ظهر لَهُ الْعلم فِيمَا نقلوه وَرَوَوْهُ وَلم يحْتَج إِلَى شَيْء من هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ وَالله ولي التَّوْفِيق والمعونة