يظهرها لهم أو يخاطبهم بل واسطة1 كمخاطبته لملائكته الذين هم السفرة بينه وبين رسله، ومعرفتهم له إما بمشاهدة منهم له أو بما يجري مجرى المشاهدة مما هو أعلم بما تقع لهم المعرفة به معرفة قطعية2، وعلى هذا الأمر جرى الأمر لآدم صلى الله عليه وسلم لما خلقه بيده واسكنه جنته وقال له: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة} 3 فأرشده إلى ما أباحه له، وزجره عما نهاه عنه، وعلمه الأسماء وما يتضمنه4 كل اسم من المعنى، ثم قضى عليه ما وقع منه وأخرجه من الجنة إلى الدنيا واخبر سبحانه عما كان منه إليه بقوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} 5 والنسيان إنما يكون من المكلفين فيما سبق عليهم فيه الأمر فأهبطه الله إلى الأرض بعد أن غفر له زلته، وجعله رسولاً إلى أولاده يرشدهم إليه ويدلهم على طرق الاستدلال عليه، فانقادوا لطاعته، وحصلت لهم المعرفة بالله بما نبههم عليه، فقبض بعد أن أوضح لهم السبيل، وأبان لهم الدليل، وجعلهم الحجة على ما يأتي بعده من أولادهم، واستحفظهم حجج الله، ووكلّهم بنقل ذلك إلى من بعدهم، فأقاموا على ذلك لا تلحقهم سآمة في نقله، فلما طال العهد وضعفت البصائر وثب الشيطان ودعاته يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، فبعث إليهم رسولاً يذكرونهم ما نسوا من العهد، ويدعونهم إلى ما أغفلوا من طاعة ربهم، ولم6 يُخْلِ الله عصراً من قائم بحجة، وأمرهم باتباعه قال الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015