وقد اختلف أهل الزيغ في ذلك فمنهم من قال: إن معرفة الخلق لله حصلت ضرورة1 ومنهم من قال: إن معرفة الخلق لله طباع2، ومنهم من قال: إن معرفة الله تقع بعد البلوغ من غير تطويل بفعل الله فيه3، ومنهم من قال: إن المعرفة في ذلك ليس باضطرار ولا اختيار ولا كسب وإنما هي فعل لا فاعل لها4، وجميع هؤلاء يقولون: إن معرفة الله لا يصح الأمر بها، وأحالوا الأمر بها جملة، وهذه الفرق كلها فرق المعتزلة وهم موافقون للبراهمة في قولهم إنهم يستغنون بما في عقولهم عن الرسل وإرشادهم5، ولهذا6 أبطلت المعتزلة والقدرية كثيراً من ظاهر7 القرآن والسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما خالفت عقولهم الفاسدة، وأولوا ذلك على خلاف مقتضاها.

والدليل على صحة ما قلنا قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} 8، ولم يخل العقلاء من رسل يدعونهم إليه ويدلونهم بآيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015