وفي هذا من الأخبار الثابتة في الصحاح ما لو ذكرتها لطال الكتاب بذكرها.
ويدل على ذلك من جهة العقل أن الله تعالى موجود، وإنما يخالف الموجود الموجودات في استحالة كونه حادثاً أو موصوفاً بما يدل على الحوادث، فلما صح أنه يوصف بأنه معلوم صح بأن يوصف1 بأنه مرئي2.
إن قيل: لو كان مرئياً لرأيناه في الدنيا، قلناك لا يلزم، ألا ترى أن ملك الموت يراه المحتضر ولا يراه من عنده، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى جبريل عليه السلام ولا يراه أحد ممن يحضره من الصحابة - رضي الله عنهم -.
فإن قالوا: لو كان مرئياً لكان جسماً أو جوهراً أو عرضاً، لأنه لا ترى إلا الجواهر والأجسام. قلنا: فقد اتفقنا أنه معلوم وإن كان في الشاهد لا يعلم إلا الجواهر والأجسام والأعراض.
وأما الدليل على إبطال قول الأشعرية فهو: أن الشرع ورد بثبوت الرؤية لله تعالى بالأبصار فَحُمِل ذلك على الرؤية المعهودة، وهو ما كان عن مقابلة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "كما ترون القمر ليلة البدر "3 ولا يقتضي ذلك تحديداً ولا تجسيماً لله، كما لا يقتضي العلم به تحديداً له4 ولا تجسيماً.
وإن قالوا: إن الرؤية لا تختص بالأبصار5، رجعوا إلى قول المعتزلة، في نفي الرؤية، وأن المراد بالرؤية العلم به علماً ضرورياً6، وقد حكي عن