والجواب عنه من وجوه:
أحدها: أنا نعارضه بقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} 1، وكذلك قوله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} 2، وكذلك قوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم} 3، فأخبر في هذه الآيات أنهم قالوا بألسنتهم قولاً لم يقولوه بقلوبهم، ولم يخبر في هذه الآية التي احتجوا بها أنهم لم4 يقولوا بألسنتهم ما قالوه بقلوبهم، فيجوز أن يكون المراد بالآية التي احتجوا بها أنهم زوروا قولاً بأنفسهم وقالوه بألسنتهم فسمى المزور بقلوبهم قولاً لهم لأنه يؤول5 إلى القول باللسان كما قال تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} 6 فسمى العصير خمراً لأنه يؤول إليه.
والجواب الثاني: يجوز أن يكون معنى قوله: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} 7 أي قالوه بألسنتهم أسر به بعضهم إلى بعض كقوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} 8 أي يسلم بعضكم على بعض9 كقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} 10 أي لا يقتل بعضكم بعضاً 11، والدليل عليه: أن الآية12. وردت في اليهود،