والله سبحانه لا حاجة به1 إلى ما ملك من العباد وأموالهم، فبطل أن يجريا في التصرف مجرى واحداً.
ويقال لهذا المخالف: أجريت الحكم من الله والحكمة من الحكيم منا مجرى واحداً، وجمعت بينهما في الحكم من غير علة تقتضي الجمع بينهما، وهذا لا يصح وهذا دأب القدرية في أصولهم الفاسدة، لأنهم شبهوا أفعال المخلوقين وأقوالهم بالله بكونهما غير مخلوقين، وقد قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وهذا يقتضي أنه لا يشبهه شيء بذاته ولا بصفاته، ثم يقال له: حكمة الحكيم منا تقع2 عن تجربة وعن مشاورة وعن تعلم، ولا يسمى حكيماً إلا بعد أن وجدت منه الحكمة، والله سبحانه حكيم لذاته لا عن تجربة ولا عن مشاورة، بل هو موصوف بالحكمة قبل وجود الحكمة منه، وقبل وجود الواصف له بالحكمة.
وأما استدلال المخالف: بمن بنى داراً ثم أمر بإحراقها.
فنقول له: لو كان هذا الوصف جارياً على حكم الله لما حسن منه أن يخلق ابن آدم وصوره بأحسن من تصوير البناء في الدار، حتى إذا استكمل بنيانه خرب بناءه فيه وأماته، وقد يخلق الله ابن آدم في بطن أمه، فقبل أن يكمل خلقه يخرجه من بطن أمه، وقد يخرجه من بطن أمه كامل الخلق ميتاً، وقد يحييه المدة القريبة ثم يميته3، والحكيم منا لو ابتدأ بناء دار فعمر