فلا ننكر أن هذا من التمني، والتمني يقع على هذا ويقع في اللغة على التلاوة1، ومنه قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ} 2، ويقع التمني على ما يتمناه الإنسان في نفسه ولا يتكلم به، ومنه يقال: تمنى فلان بنفسه أن يكون له كذا وكذا.

وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوماً بمكة فتمنى بنفسه شيئاً من الدنيا، وكان يقرأ سورة النجم {أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى} 3، فألقى الشيطان على لسانه، فإنهن عند الله لمن الغرانيق العلا وإن شفاعتهن4 لترتجى، والغرانيق الملائكة5. فوقعت هاتان الكلمتان في آذان المشركين واستبشروا وقالوا: إن محمدا قد رجع إلى دين قومه، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم آخر السورة سجد وسجد معه كل كافر ومسلم إلا الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخاً كبيراً فرفع ملء كفه تراباً وسجد عليه، ففشا ذلك في الناس وأظهرهما6 الشيطان حتى بلغتا7 إلى أرض الحبشة، فلما سمع عثمان بن مظعون وعبد الله بن مسعود ومن كان معهما هنالك من الصحابة أقبلوا سراعاً، وعظم ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى جبريل فشكى إليه، فقرأ عليه النجم فلما قرأ هاتين الكلمتين قال جبريل: معاذ الله أما هاتين ما أنزلهما ربي ولا أمرني بهما ربك، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطعت الشيطان وشركني في أمر الله، فأنزل الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015