72- فصل
ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} 1 فأخبر أنه ألهمهم الفجور والتقوى.
فأجاب المخالف القدري عن هذا وقال: لا حجة لهذا المستدل، لأنه أخبر أن الفجور والتقوى من أفعال العباد، لأن الإلهام هو: التعريف للفجور وللتقوى، فلولا أنها من فعلهم لما كان لتعريفهم معنى لذلك، لأنهم متى عرفوا منفعة التقوى خملوا أنفسهم عليه، ومتى عرفوا مضرة الفجور تجنبوه.
والجواب: أن إضافة الفجور والتقوى إلى النفس لا يدل أنها خلق لهم، لأن الله قال: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} 2 فأضاف الماء والمرعى إلى الأرض، فلا يدل على أن ذلك من فعلها، بل أضافها إلى النفس لأنها3 محل لخلق الله ذلك فيها4 ولأنهما5 كسب لها6، كما أنه أضاف الماء والمرعى إلى الأرض لأنها محل لخلق الله ذلك7 فيها. وموضع الحجة من الآية لنا أن كثيراَ من أهل التفسير قالوا: ألهمها فجورها وتقواها أي جعل فجورها وتقواها8، واستدلوا على ذلك بما روي عن أبي الأسود الديلي9