الهدي الذي أخبر الله أنه هَدَى له ثمود، والهدي المضاف إلى الرسل.

والهدي الثاني: هدي تأييد وتوفيق، وهو هدي الله للمؤمنين، وهو الهدي الذي لم يجعله الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى غيره من الرسل، بقوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} 1 وهو المراد بالهدي في هذه الآية التي نحن فيها، يشرح له الصدر: أي يوسعها ويفتحها للإسلام2. فأما ما ادّعاه المخالف: من أنه قد ورد في القرآن وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِم} 3.

والمراد به الثواب، وعلى هذا يحمل الهدى في هذه الآية فغير مستقيمة في لغة ولا شرع، وقد قرئ: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وقرئ: {قَتَلُوا} بفتح القاف والتاء، أي قتلوا غيرهم وهم أصحاب بدر {سَيَهْدِيهِمْ} 4 فيكون تأويل الآية على هذا: سيهديهم في الدنيا هداية التأييد والتوفيق5 بدليل قوله: {وَيُصْلِحُ بَالَهُمٍٍٍٍٍٍِِِْْْْ} والبال هاهنا: هو سعة الرزق في الدنيا، وقيل عبر بالبال عن القلوب بدليل قول العرب: لم يخطر هذا على بالى6 أي على قلبي، ونقول لغيرك: اجعلني واجعل حاجتي على بالك، أي على قلبك7، وأما قوله: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} فأخبر8 عما يفعل لهم في الآخرة بعد إخباره عما يفعل لهم في الدنيا، فيكون تأويلنا هذا أولى من تأويلهم؛ لأن ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015