وأما قوله: يحتمل أنه يريد بالهداية هي التي تختص بالمؤمنين من الزيادة في التوفيق والتسديد، فهذا غير صحيح لأنه علق ذلك على من يشاء ولم يخص به المؤمنين الذين اهتدوا فيكون كقوله تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} 1 لا يختص به المؤمنون ولا الكافرون2.
وأما قوله يحتمل أنه3 أراد بالهداية هاهنا الثواب في الآخرة غير صحيح، لأنا قد بينا أن حمل الهدى على الثواب لا يصح في اللغة ولا دليل عليه من الشرع4 وعلى أنه لو صح أن الهدى يحمل على الثواب لم يعلقه الله بمن يشاء لأن الثواب يكون للمطيعين، وعندكم أن الله لو لم يثب المطيعين لظلمهم فلا يجوز تعليقه على مشيئته، وأيضاً فإنه قال في الآية: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍِ} والصراط المستقيم قيل: "هو الإسلام"5، وقيل: "هو كتاب الله"6، وقيل: "هو دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره"7. وقال ابن عباس: "هو طريق الجنة"8.