الله تعالى كقوله تعالى: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ} 1 فهو يدعو عباده إلى داره وهي الجنة، ويجوز أن يكون سماها دار السلام لأن من صار إليها سلم من الآفات والعذاب2، والدليل على صحة ما ذكرنا أن قولك: دعا يدعو من أفعال التي تتعدى إلى مفعول، فيفهم ذلك بالإطلاق كقولك ضرب وقتل، فلما حذف المفعول دل على أنه أراد دعاء جميع المكلفين3، فلما قال بعده: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍِ} كان الظاهر أن الهداية منه إلى بعض من تقدم ذكره في الدعاء.

وأما قول المخالف: إنه أراد بالهداية هاهنا الهداية العامة فتكون لبعض المكلفين وهم العقلاء والبالغون.

فالجواب أنه لا يصح حمل الآية على هذا لأن المجانين والصغار غير داخلين في التكليف، فهم غير داخلين في عموم المدعين، لأنه لم يدع الخلق إلى دار السلام إلا بالتكليف، وهو: الإيمان به والشرائع، وهؤلاء غير داخلين في الخطاب العام، فيكون المكلفون مخصوصين بالهداية، وأيضاً فإن الهدى العام هو: البيان والدلالة، ولا يجوز أن يخص بالبيان والدلالة بعض الخلق دون بعض4، وإذا بطل هذا ثبت أن المدعيين إلى دار السلام هم جميع المكلفين الداخلين في واجبات التكليف، وأن الهداية إلى الإجابة خاصة منه لبعضهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015