والجواب أن يقال لهذا المخالف: أما ورود القدر على معنى الخلق فلا ننكره، وأما على معنى الإخبار واحتجاجك بقوله تعالى: {إِلاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} فغير صحيح في المعنى ولا مسلم، واحتجاجه بهذا يدل على جهله بالنحو وإفلاسه منه، لأن ضمير المرأة ههنا في موضع النصب، وإذا كانت مخبراً عنها في موضع جر، ولو أراد ذلك لقال: قدرنا عنها أو بها، ولم يقل أحد من أهل التفسير هذا الذي ذكر المخالف، وإنما قال ذلك برأيه على ما يوافق مذهبه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار "1. والذي قال أهل التفسير في هذا: قدرناها أي قدرنا هلاكها مع الغابرين2.
وأما احتجاجه ببيت العجاج فهو حجة عليه لا له، لأنه إذا كتب في الصحف شيئاً وقدره فهل يتوهم عاقل أن الله أراد وقوع شيء قد كتب وقوع ضده، وإنما يحسن هذا على قول من قال من القدرية إن الله لا يعلم الغيب ولا يعلم إلا ما كان3 ولكن لم يصرح هذا المخالف بهذا في دامغه بل (عن صَبُوح تُرَقِّق) 4 ولو صرح به كما صرح به أسلافه لاختطفته