والجواب أن يقال: إذا وقع في ملكه وسلطانه ما لم يرده أو ما ليس في تدبير لحقه العجز1 كما يلحق ذلك المالك المملك من العباد، وإذا أراد شيئاً من غيره فلم يتم له ما أراد لحقه العجز كما يلحقه ذلك إذا أراده من فعل نفسه لعموم قوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} 2، وقوله: إذا لم يرد إلجاء الفاعل ولا مغالبته، غير صحيح، لأن ذلك لو كان علة لما ذكر لما جاز أن يخرج شيء من الأعيان عن ملك الله، أو عن أن يكون معلوماً لله أو مقدوراً لله، أو عن إدراك الله له، وهو أنه لم يرد مغالبة ذلك الشيء ولا مكابرته، ولما لم يجز أن يخرج شيء من الكائنات المكونات عن ملك اله ولا عن علمه ولا عن إدراكه لها ولا عن اقتدار الله عليه3 لم يخرج عن أن يكون مراداً لله ولا أن يكون خلقاً له.
ثم قال هذا المخالف: ودلالة التمانع عندنا هو أن نقول: لو كان مع الله قديم آخر لوجب أن يكون حياً قادراً عالماً بذاته كما أن الله سبحانه حي، قادر، عالم بذاته، لأنه إذا شارك الباري في أخص أوصافه وهو كونه قديما وجب أن يكون مثلاً له، ومن حق المثلين أن يجب لأحدهما ما يجب للآخر، ثم قال بعد ذلك: ودلالة التوحيد في هذا التمانع لا يمكن هذا المستدل وأهل مذهبه القول به لوجهين:
أحدهما: أنهم سدوا القول بالتوحيد على أنفسهم لأنهم أثبتوا مع الله صفات4 كثيرة قديمة وسموها صفات لله5، وقالوا مع ذلك ليست حية