49- فصل
استدل القدري المخالف بقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} 1، وبقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} 2.
وهذا يقتضي نفي إرادته لكل ظلم منه أو من غيره لأنه أدخل حرف النفي وهو (ما) على نكرة فاقتضى3 استغراق الجنس كقول القائل (ما في الدار رجل) ، فإنه يقتضي نفي كل من يقع عليه اسم رجل. هذا نكتة قوله ومعتمده4.
والجواب: أن هذا ليس بصريح5 في نقي فعل الظلم من العباد؛ لأنه لو أراد ذلك لقال: (وما الله يريد ظلما من العباد) ، وإنما هو صريح6 في نفي عذاب الله لهم ظلما بغير ذنب كان منهم، وسياق الآية يدل على ذلك وهو قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} ومعنى ذلك مثل أشباه عذاب7 هذه الأمم {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} فيعذب على غير ذنب، ويجوز أن يحمل ما الله يريد ظلما لهم من أعمالهم مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} 8، وقوله تعالى: