يكون في الحفظ، وتارة يكون في القول، وتارة في الكتابة (?). وهو موضوع كتب العلل. وللإمام مسلم صاحب الصحيح - رحمه الله - كتاب (التمييز) وهو عمدة في هذا الباب، فقد ألفه في الرد على من ينكرون على أهل العلم توهيم من يهم في نقل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال في مقدمته: أما بعد: فإنك يرحمك الله ذكرت أن قِبَلَك قوما ينكرون قول القائل من أهل العلم إذا قال: هذا حديث خطأ، وهذا حديث صحيح، وفلان يخطئ في روايته حديث كذا، والصواب ما روى فلان بخلافه. وذكرت أنهم استعظموا ذلك من قول من قاله، ونسبوه إلى اغتياب الصالحين من السلف الماضين، وحتى قالوا: إن من ادعى تمييز خطأ روايتهم من صوابها متخرص بما لا علم له به، ومدع علم غيب لا يوصل إليه. واعلم وفقنا الله وإياك أن لولا كثرة جهلة العوام مستنكرى الحق ورأيه بالجهالة لما بان فضل عالم على جاهل، ولا تبين علمٌ من جهلٍ، ولكن الجاهل ينكر العلم لتركيب الجهل فيه، وضد العلم هو الجهل، فكل ضد ناف لضده دافع له لا محالة، فلا يهولنك استنكار الجهال وكثرة الرعاع، لما خص به قوم وحرموه، فإن اعتداد العلم دائر إلى معدنه والجهل واقف على أهله. وسألتَ أن أذكر لك في كتابي رواية أحاديث مما وهم قوم في روايتها، فصارت تلك الأحاديث عند أهل العلم في عداد الغلط والخطأ، ببيان شاف، أبينها لك حتى يتضح لك ولغيرك - ممن سبيله طلب الصواب سبيلك - غلط من غلط وصواب من أصاب منهم فيها، وسأذكر لك إن شاء الله من ذلك ما يرشدك الله وتهجم على أكثر مما أذكره لك في كتابي وبالله التوفيق:

فمنهم الحافظ المتقن الحفظ المتوقي لما يلزم توقيه فيه، ومنهم المتساهل المشيب حفظه بتوهم يتوهمه أو تلقين يلقنه من غيره فيخلطه بحفظه ثم لا يميزه عن أدائه إلى غيره، ومنهم من همه حفظ متون الأحاديث دون أسانيدها فيتهاون بحفظ الأثر يتخرصها من بعد فيحيلها بالتوهم على الذين أدي إليه عنهم، وكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015