شديدا، فلما أصبحوا ... » وتستمر الرواية التي نسبت إلى أبى مخنف حتى تنتهي بإسلام الراهب على رأس الحسين [1] .
وقال ابن العمراني: « ... فاحتز رأسه ووضعه في مخلاة فيها تبن وحمله إلى عبيد الله بن زياد فنفذه عبيد الله على هيئته تلك إلى يزيد ... فلما كان الرسول في بعض الطريق وأجنّه الليل عدل إلى دير فيه رهبان فبات فيه. فحين انتصف الليل قام بعض الرهبان لشأنه فرأى عمودا من نور متصلا بين تلك المخلاة وبين السماء فتقدم إلى المخلاة وفتشها فوجد الرأس فيها فقال: لا شك أن هذا رأس المقتول بكربلاء فمضى وأخبر بقية الرهبان. فحين جاءوا ورأوا تلك الصورة أسلموا كلهم على الرأس وجعلوا الدير مسجدا وكانوا سبع مائة راهب» .
لقد خلط ابن العمراني بين رواية الطبري ورواية أبى مخنف وزاد عليهما ولعل هذه الزيادة ليست من صنعه فلعله روى ما سمع، وليس غريبا أن يصبح الراهب الواحد سبعمائة راهب لأن عنصر إثارة الرغبة في القارئ كان مقصودا ومتعمدا. وإن عنصر المبالغة ليس جديدا في قصة يتداولها العوام ويرويها القصاص في المساجد والطرقات.
ولا بأس أن نروى مثل هذه المبالغة في خبر آخر:
قال الخطيب البغدادي: «حدثنا ... بن يحيى بن معاذ عن أبيه قال: كنت أنا ويحيى بن أكثم نسير مع المعتصم وهو يريد بلاد الروم، قال: فمررنا براهب في صومعته فوقفنا عليه وقلنا: أيها الراهب، أترى هذا الملك يدخل عمّورية؟ فقال: لا، إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنا. قال: فأتينا المعتصم فأخبرناه فقال: أنا والله صاحبها، أكثر جندي أولاد زنا إنما هم أتراك وأعاجم» (تاريخ بغداد 3/ 344- 345) .
وروى ابن العمراني: « ... واجتاز بين أنقرة وعمّورية بدير وعلى سطح الدير راهب قد أتت عليه السنون فكلمه وهو لا يعرفه فقال له: يا راهب كم أتى عليك من