وفي شوال سنة خمس وعشرين وخمس مائة توفى السلطان مغيث الدنيا والدين أبو الثناء محمود «677» بن ملك شاه بن ألب أرسلان واستولى المسترشد باللَّه على جميع ما كان للأتراك بالعراق وأقطعها. ونفذ إقبال «678» خادمه المعروف بجمال الدولة إلى الحلة وأمّره على بلاد بابل وضم إليه عشرة آلاف فارس من العرب والترك والأكراد وطوّقه وسوّره ولقّبه حسام الدين، سلطان الأمراء ملك العرب.
وجاء إلى طاعته صاحب فارس وجاءته العساكر من الشام وديار ربيعة، وانضم إليه من التركمان والأعراب والأكراد خلق لا يحصى، ووقعت الهيبة في قلوب الملوك.
وفي سنة ست وعشرين وخمس مائة قصد السلطان معزّ الدنيا والدين أبو الحارث سنجر بن ملك شاه بن ألب أرسلان العراق ونزل بكشك همذان ورتّب ابن أخيه طغرل مكان محمود وأراد قصد بغداد فقبّحوا له قصد الخليفة. وقيل: إن خوارزم شاه لم يساعده على ذلك وكان هو جمرة العسكر فعاد السلطان إلى خراسان «679» .
وفي رجب من هذه السنة اجتمع رأى دبيس بن صدقة وزنكي بن آقسنقر صاحب الموصل على قصد بغداد «680» ، فانحدروا إليها في اثنى عشر ألف فارس، فخرج المسترشد باللَّه إليهما بنفسه ولقيهما بنفسه ولقيهما بتل عقرقوف وكان يوما مشهودا فإنه لم يبق في البلد صغير ولا كبير إلا خرج وضاع العسكر بين الخلق وأخرجوا كل ربعة ومصحف في البلد ونشروا المصاحف وأخذوها على أيديهم مفتّحة يقرءون فيها بين الصفّين ووقعت الهزيمة على زنكي ودبيس وقتل منهم نحو من ثلاثة آلاف من الأكراد وأسر الباقون وعاد الخليفة إلى داره] «681» [111 أ] مظفرا منصورا.
وقبض على وزيره شرف الدين أبى القاسم ابن طراد الزينبي وصادره على مائتي ألف دينار.
واستوزر مكانه شرف الدين نوشروان «682» بن خالد في رجب سنة سبع وعشرين وخمس مائة.
وفي شعبان من هذه السنة توجّه المسترشد باللَّه نحو الموصل وكان نزوله على بابها