والغيرة على اللغة: أفرادا في بحوث كتبوها، ومقترحات عرضوها، ورسائل وكتب ألفوها، وجماعات في الهيئات العلمية المختصة، مثل: مجمع اللغة العربية
وقد تبين لي -وأنا أقرأ مطبوعات المجمع- أنه قد شغل ببحث تيسير الإملاء مدة طويلة، تقع -كما تفيد هذه المطبوعات التي قرأتها- بين شهر نوفمبر سنة 1947، وشهر يناير سنة 1960، أي أكثر من اثنتي عشرة سنة، وفي خلال هذه المدة الطويلة، درس المجمع عدة مقترحات من أعضائه، وعدة قرارات وملاحظات لهيئات علمية أخرى، مثل: المؤتمر الثقافي للجامعة العربية، ولجنة اللغة العربية في المجمع العلمي العراقي، وأساتذة اللغة العربية بدار المعلمين العالية ببغداد، وأساتذة اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم بمصر.
ومع تعدد الجلسات التي عقدها مجلس المجمع، ومؤتمره، ولجانه؛ لبحث هذه المقترحات والملاحظات، لم ينته الأمر إلى موافقة على اتخاذ قرار حاسم في تيسير الإملاء، إلا في جلسة 12 من يناير 1960؛ إذ وافق فيها مؤتمر المجمع على ما أقرته لجنة الأصول من قواعد رسم الهمزة.
وماذا حدث بعد ذلك؟ هل أتيح لهذه القواعد التي ووفق عليها، أن تتخذ سبيلها إلى الهيئات التعليمية، والأجهزة الإعلامية: كالجامعات، والمدارس، والصحف، والإذاعة ونحوها؛ لتقوم هذه الهيئات والأجهزة بنشرها وتطبيقها؟
الذي أعلمه أن الخلاف في الإملاء العربي، لا يزال قائما بين الدول العربية المختلفة، وبين أبناء الدولة الواحدة، بل بين أبناء الطبقة المتجانسة من المتعلمين، وأن أحدا من المثقفين لم يحس أن للمجمع رأيا حاسما يجب أن ينفذ، وتشريعا مدروسا يجب أن يطبق، وغاية الأمر: أن المجمع قال رأيه، وسكت بعد قراره خمس عشرة سنة حتى اليوم، وسكت الناس أيضا، ومضوا على ماهم فيه من