عجز المسلم عن الإنكار بإحدى الدرجات السابقة كان عليه أن ينكر المنكر بقلبه بحيث يعلم الله سبحانه وتعالى منه أنه كاره لما رأى من المنكر، غير أنه لا يكتفي منه بمجرد الكره بالقلب، وإنما ينبغي أن يصحب ذلك مقاطعة أهل المنكر إذا يئس من الإصلاح واجتناب مجالسهم التي يقترفون فيها الإثم؛ لأن هذا من ثمرات الكره الذي يطوي عليه قلبه للمنكر وإلا فليس كارها للمنكر ولا منكرا له بقلبه، من يشارك أهل المنكر فيؤاكلهم ويشاربهم ويجالسهم، ومجالسهم لا تخلوا من معصية الله عز وجل (?) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم وآكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " (?) .

مما سبق من استعراض الدرجات التنفيذية لإنكار المنكر وإزالته نستطيع أن نقسم هذه الدرجات التي ذكرها العلماء إلى قسمين: أحدهما إنكار المنكر وإزالته وتغييره بالوعظ والنصح والإرشاد، والآخر إزالة المنكر وتغييره بالقوة على هذا الترتيب، أي يحاول إزالة المنكر وتغييره بالوعظ والنصح والتلطف أولا، فإن لم يفلح جهده فعليه أن يصلح بالقوة، ولا يجوز النوع الثاني ما لم يتثبت من عدم تأثير الأول،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015