ومن هذا المنطلق فقد ساهمت بهذا الجهد المتواضع خدمة للشريعة الإسلاَمية, فطالما كنت أفكِّر في الكتابة في هذا الموضوع لما له من الأهمية في حياة الفرد المسلم اليومية, والموت سنة إلهية لا ينكرها أحد حتى أولئك الذين لا يعترفون بالإسلام ديناً، نجد أنهم لا ينكرون هذه السنة الإلهية, فربّما فقدت المرأة زوجها قبل الدخول أو بعده فتكون محتاجة إلى معرفة الأحكام المتعلقة بالإحداد ولا تجد ما يحقق رغبتها اللهَّم إلا ما كان مبعثراً في المصادر القديمة مما يتعلق بالحداد. وقَد عزمت على الكتابة في هذا الموضوع تيسيراً وتسهيلاً على من يحتاج إلى ذلك مسترشداً بأفكار المتقدمين على ضوء الدليل والاستدلال والمناقشة, وقد زادني رغبة سؤال أتاني من فتاة تدرس في معهد التمريض للبنات مفاده أنّ زوجها توفي عنها في حادثة سيارة قبل الدخول, فهل يجب عليها الإحداد؟ ثم إذا كان يجب عليها فهل يجوز لها الخروج للدراسة وتأدية الامتحان. بالرغم من أنه لا يوجد لها عائل يعولها؟ فأجبتها حسب علمي وأحلتها على شيخنا سماحة الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز ليطمئن قلبي وقلبها وبحمد الله أفتاها بمثل ما أفتيتها به, ومن هنا عقدت العزم على الكتابة وبدأت في جمع المادة من مصادرها وتقريبها في هذا البحث, راجيا الله عز وجل أن ينفع به كل من قرأه واطلع عليه، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
أما أسلوب البحث فهو يتلخص في ما يأتي:
1ـ أذكر مذاهب الفقهاء الأربعة ما وجدت إلى ذلك سبيلا معتمداً على المصادر المشهورة في كل مذهب ثم أعرّج على المذاهب السنية الأخرى تتميما للفائدة.
2 ـ أعرض المسألة وما فيها من الاختلاف فأذكر القول ودليله ومناقشة أدلة القول المرجوح ثم أخلص إلى الراجح حسبما يظهر لي, ولا أعتمد في القول الراجح على ترتيب معين.
3 ـ أعزو الآيات والأحاديث والآثار إلى مصادرها, فالآيات أعزوها إلى سورها في المصحف الشريف, والأحاديث أعزوها إلى كتب المحدثين, والآثار إلى كتب المحدثين, وقد أكتفي بعزوها إلى كتب الفقه أحياناً.
4 ـ أجعل الفصل على مباحث, والمبحث على مطالب, والمطلب إلى فروع ما وجدت إلى ذلك سبيلا حسبما يتطلبه ذلك الفصل.
5 ـ اقتبست أكثر أحكام الإحداد من الأدلة التي تفيد إيجاب العدة على المتوفى عنها واستفدت من أقوال الفقهاء في هذا الباب وإلا فالأحكام التي ذكرت عن الإحداد قديماً