محبته وَأخرج إِلَيْك محبته من بَاب الرأفة وَالرَّحْمَة فنلت حظا من الْمحبَّة والرأفة وَالرَّحْمَة حَتَّى ظَفرت بالمعرفة فَلَمَّا عَرفته خفته ورجوته وخشيته ورهبته واطمأننت إِلَيْهِ واعتقدت بقلبك عبوديته وتسليمك نَفسك إِلَيْهِ فِي أَمر وَنَهْيه هَذَا كُله فِي عقدَة الْمعرفَة وَهِي كالأغصان من الشَّجَرَة فَإِنَّمَا أَعْطَيْت الشَّجَرَة بأغصانها وَالثَّمَرَة من بعد ذَلِك كسبك الطَّاعَة
فالحب سر الله تَعَالَى فِي الْعباد يفتح لَهُم من ذَلِك على أقدارهم بمشيئته بِمَا سبق لَهُم من الأقدار مِنْهُ وَهُوَ قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا وهم فِي مَا اشتهت أنفسهم خَالدُونَ} مبعدون أَي عَن النَّار ثمَّ لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا كَأَنَّهُ أجازهم الصِّرَاط وهم لَا يَشْعُرُونَ بهَا
فالحب سر فِي الْإِيمَان وَالْإِيمَان بارز ظَاهر وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم وَلَكِن الله حبب إِلَيْكُم الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبكُمْ وَكره إِلَيْكُم الْكفْر والفسوق والعصيان أُولَئِكَ هم الراشدون}