قَلْبك مَحل المهتمين لَك المبالين بك وبأمورك ثمَّ أبدى صدق ذَلِك السُّؤَال فعلا حَتَّى شاركك فِي محبوبك ومكروهك ففرح بمفروحك وسر بمسرورك وحزن لمصائبك وتوجع بفجائعك فتعرف إِلَيْك بالإخلاص حَتَّى حل من قَلْبك مَحل المخلصين ثمَّ تخطى من هَذِه الدرجَة إِلَى أَن فدَاك بِنَفسِهِ وَمَاله فبذل عِنْد الشدائد نَفسه وَفِي ذَلِك لَا يُبَالِي مَا ناله فِي نَفسه وَمَاله من النُّقْصَان وَالْمَكْرُوه فِي جَنْبك فأعطاك كُله فَحل من قَلْبك محلا أحببته كل الْحبّ وَصَارَ واحدك من بَين النَّاس وصرت لَهُ وَاحِدًا فأفشيت أسرارك بَين يَدَيْهِ وأطلقت يَده فِي مملكتك وأنفذت أمانيه وَحكمه فِي أمورك فعامل الله بِمَا يعاملك عبد من عبيده بِهَذِهِ الصّفة
مثل الْحبّ بَين الْأَشْيَاء كَمثل شَجَرَة لَهَا قلب وأغصان فالقلب من السَّاق والأغصان فروع الشَّجَرَة مِنْهَا الثَّمَرَة وَلَكِن أصل الثَّمَرَة من الْقلب فالمعرفة هِيَ الشَّجَرَة وَالْحب هُوَ قلب الْمعرفَة وَالْخَوْف والرجاء وَالْحيَاء والخشية وَالرِّضَا والقناعة وَسَائِر الْأَشْيَاء أَغْصَانهَا وَمِنْهَا تتولد الثَّمَرَة وَهِي الطَّاعَات وَإِنَّمَا جاد عَلَيْك رَبك بالمعرفة فَمن بهَا عَلَيْك بعد أَن قسم لَك حظا من مَعْرفَته