فَذَلِك فعل لبق فَهُوَ حاذق فِي فعله وَإِنَّمَا وكل الْآدَمِيّ فِي أَمر دينه برمي الفضول فَأمر بِنَفْي الشّرك بقوله لَا إِلَه إِلَّا الله وَأمر باجتناب الْمَحَارِم الظُّلم والعدوان وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا وَالْخمر وَالْكذب والغيبة وَسَائِر الآثام فَهَذَا كُله فضول ثمَّ أَمر بالفرائض ثمَّ السّنَن ليتحلى بهَا ثمَّ بالتطوع ليتزين بِهِ فَإِذا لم يرم بالفضول وَقصد قصد الزِّينَة فَهُوَ مستهزئ بربه يسخر بِنَفسِهِ
مثل قلب يتَرَدَّد فِيهِ الذّكر مثل عين لَهَا نبعان وفيهَا سمك صغَار فَكلما توحل كثر تردد السّمك فَكَانَت ينابيع 55 مَاء تِلْكَ الْعين أنقى وماؤها أسلس وَإِذا قل السّمك انسدت المنابع لما يجْتَمع هُنَاكَ من الطين لِأَن مَاء الْعين وَإِن كَانَ صافيا فَلَنْ يَخْلُو عَن غُبَار عِنْد هبوب الرِّيَاح وَلنْ يَخْلُو من ممازجة الأَرْض فَإِذا انسدت تِلْكَ المنابع لم ينز المَاء وَلم يسل فَكَذَلِك الْقلب تنسد منابع الْحِكْمَة مِنْهُ لما يجْتَمع هُنَاكَ من كدورة النَّفس وسلطان الْهوى وغباره فَإِنَّهُ لكل سُلْطَان جَيش وعسكر فَإِذا سَار الْجَيْش هاج الْغُبَار فالهواء إِذا أقبل قبل النَّفس أثار الشَّهَوَات فَوَقع فِي النَّفس هبوب ريَاح الشَّهَوَات فَصَارَ هُنَاكَ غُبَار ودخان وغيم على قدر كل