مغشيا عَلَيْهِ فتعاهدوا ذَلِك أَرْبَعِينَ لَيْلَة كلما بلغ هَذِه الْآيَة سقط وَلم يقدر أَن يجاوزها
هَكَذَا صفة المنتبه لما يَتْلُو فَمن اتبع لتلاوته وقراءته لبطنه فَإِذا أَتَى على مثل هَذِه الْآيَة انْقَطع صَوته وتراجع فِي حلقه وَإِذا أَتَى على الْعقَاب أعيا وَإِذا قطع المفاوز عَطش وَنصب وَإِذا قطع الْبَسَاتِين والرياض طرب وَإِذا طعم الأغراس سكر لِأَن الْأَشْرِبَة الصافية الصرفة كائنة فِي الأغراس فَذَلِك وَقت الوله إِلَى الله تَعَالَى ولهت قُلُوبهم عَن كل شَيْء سواهُ وَإِذا أَتَى على أَرض شاكة أَن وضاق عَلَيْهِ الطَّرِيق وَإِذا أَتَى على أَرض مسبعَة أرعد خوفًا وَإِذا أَتَى على بلَاء الْعَدو تحير واستغاث وصرخ إِلَى ربه فَهَذِهِ أَحْوَال كائنة فِي قُلُوب المنتبهين الَّذين قرأوا الْقُرْآن لباطنه فتحولت قُلُوبهم على تحول مَعَاني مَا يَتلون وَرُبمَا هالهم فِي تِلْكَ الفلاة لَا يحطون فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع أثقالهم فَإِذا نزلُوا استراحوا وَذَلِكَ لطف من الله تَعَالَى يلطف بِهِ عَبده لما يرى مِمَّا حل بِقَلْبِه من النصب والتعب فِي قطع هَذَا الطَّرِيق على مَا وَصفنَا فَفتح لَهُ فِي بعض تِلْكَ الْآيَات ويشرق على قلبه من نوره فيردد تِلْكَ الْآيَات فَرُبمَا بَقِي فِي تِلْكَ الْآيَات سَاعَات لما يتَرَاءَى لَهُ فِيهَا فَذَاك مستراح قلبه وَفِي ذَلِك الْوَقْت يحط رَحْله وَيحل بفنائه حَتَّى يقوى