وَتصرف فِي أَنْوَاع التِّجَارَات والبضائع فَبَاعَ وَاشْترى فَصَارَ هَذَا المَال كُله نَسِيئَة وَإِذا نظر فِي الدِّيوَان رأى أَن على فلَان كَذَا وعَلى فلَان كَذَا وعَلى فلَان كَذَا فتجمع أُلُوف أَضْعَاف رَأس المَال كلهَا نَسِيئَة فَإِذا كَانَ أَحمَق طابت نَفسه بالآلاف الَّتِي يحصيها واتكل عَلَيْهَا وَلَا ينظر إِلَى مَا تحصل لَهُ فِي يَده فكم من غَرِيم بايعته على الْوَفَاء وَهُوَ عنْدك ملي فَإِذا أَتَى على ذَلِك مُدَّة ظهر إفلاسه ولوى مَا عَلَيْهِ فَلم يحصل لَهُ مِنْهُ إِلَّا كِتَابَة اسْمه فِي ديوانك وَتَقْدِير مَا عَلَيْهِ حسابا وَرُبمَا يحصل مِنْهُ شَيْء وَذهب بِشَيْء فَأَنت على غير ثِقَة من غرمائك حَتَّى تقبض مِنْهُ وتنقد بعض الْقَبْض وتستيقن بِأَنَّهَا خِيَار تنْفق فِي كل سوق إِلَّا فِي سوق الوضح الَّتِي لَا تبَاع وَلَا تشترى إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ الوضح
فَالْعَبْد الْمُؤمن قد أعطَاهُ الله تَعَالَى رَأس المَال وَهُوَ الْإِيمَان والتوحيد وَأمره أَن يتجر بأنواع من الطَّاعَات وأعمال الْبر والأرباح لَك لتنفق على نَفسك يَوْم فقرك فَإِذا اتّجر وَربح من الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَسَائِر أَعمال الْبر فَهَذِهِ الْأَعْمَال كلهَا كأولئك الْغُرَمَاء