أسراره عَلَيْك فِي تَدْبِير المملكة فَتركت مَا هُنَالك وَوليت معرضًا لم تَرَ شَيْئا وَأَقْبَلت على فهم نَفسك تتشبه فِي سيرتك وآدابك وأعمالك بِهَذَا المخذول المطرود المحروم على الْبَاب الَّذِي لم يعبأ بِهِ كَأَن جَمِيع ذَلِك عنْدك لَا شَيْء وتركهم كَأَنَّهُمْ فِي مفازة حيارى ثمَّ لم يزَالُوا فِي أَعْمَالهم حَتَّى أوقعهم فِي أَرض شاكة ملتفة أشجارها حَدِيدَة شَوْكهَا فهم فِي فياف جِيَاع عطاش جرحى من ذَلِك الشوك والحسك فَمَا الَّذِي يُؤمنك أَن يَرْمِي بك الْملك لتشبهك بهم فِي آدابهم وسيرتهم فينحيك إِلَى الْبَاب ويسده عَنْك حَتَّى تقع فِي مفازة الْحيرَة وَالْأَرْض الشاكة
فربنا جلّ جَلَاله خلق دَارا فحشاها بِالرَّحْمَةِ وملأها بساتين ونعيما ورياضا وقصورا وأعدها لِعِبَادِهِ وَخلق سجنا فحشاها بسلطانه وغضبه وملأها بعذابه وأعدها للذاهبين برقابهم وَأظْهر من ملكه فِي ملكوت عَرْشه وَلَا حَاجَة لَهُ إِلَى شَيْء من ذَلِك إِنَّمَا فعل هَذَا كُله من أجل الْآدَمِيّين منَّة 82 فَاخْتَارَ من كل ألف من عباده وَاحِدًا فَفتح الْبَاب لَهُ حَتَّى عاين هَذِه الْأَشْيَاء وَترك البَاقِينَ فِي مفازة الْحيرَة الشاكة وَهِي الْمعاصِي فتردوا فِي آبار الْكَبَائِر وجرف الْجَبَابِرَة ويرتعون فِي القاذورات والكناسات فَإِذا كَانَ هَذَا الْوَاحِد