فَكَذَلِك الْقلب الَّذِي عَلَيْهِ رين الذُّنُوب بِمَنْزِلَة الْمرْآة الَّتِي قد صدئت فَإِذا فَكرت شَيْئا من أُمُور الْآخِرَة لم يتراء لَك فَإِذا صقل قَلْبك بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار صَار كالمرآة المجلاة فَإِذا فَكرت فِي سالف الذُّنُوب وتراءى لَك قبحها فَاشْتَدَّ عَلَيْك وَإِذا فَكرت فِيمَا أعده الله لأهل الْمعاصِي ذكرتك وأرعبت قَلْبك بتعظيم مَا تمثل لَك من عِقَابه
وَإِذا فَكرت فِي دَار المطيعين برمت بِالْحَيَاةِ شوقا إِلَى تَعْظِيم مَا تمثل لَك من كراماته لعَبْدِهِ
وَإِذا فَكرت فِي الْعرض الْأَكْبَر هَالك شَأْنه وأخذك القلق وَعمل فِيك الْحيَاء من رَبك
وَإِذا فَكرت فِي أَمر الملكوت عظم شَأْن العبودة عنْدك فَإِذا لاحظت جَلَاله وعظمته صَار صدرك بِمَنْزِلَة الْبَيْت الَّذِي وَقع فِيهِ نور الشَّمْس حَيْثُ قابلتها بِتِلْكَ الْمرْآة فَصَارَ الصَّدْر مِنْك ممتلئا نورا قد غَابَ عَنْك فِي ذَلِك النُّور جَمِيع مَا ترَاءى لَك قبل ذَلِك فِي وَقت فكرتك فِي أَمر الْجنَّة وَالنَّار وَأمر الذُّنُوب وكل شَيْء سواهُ وَلها قَلْبك