فَلَمَّا وافى خُرَاسَان اجتزأ بالكراء وَترك الْمُعَامَلَة فَأعْطِي الْكِرَاء مائَة دِرْهَم على حمله وصرفت الْمُعَامَلَة إِلَى غَيره
فَكَذَلِك من قَرَأَ الْقُرْآن وَلم يُعَامل الله بِتِلْكَ الْجَوَاهِر الَّتِي تُعْطى فِيهِ لَهُ أجر تَعبه وعنائه فِي قِرَاءَته وفاتته الْمُعَامَلَة وأرباح الْمُعَامَلَة
مثل الْوَاعِظ الناصح مثل عبد للْملك وللملك عبيد آخَرُونَ سواهُ من بَين رَاع وحراث وصانع وتاجر وكل وَاحِد مِنْهُم قد وكل بِعَمَل من الْأَعْمَال يطالبون بِالْقيامِ بذلك وَأَدَاء الْغلَّة وكل وَاحِد مِنْهُم يَدعِي أَنه يحب مَوْلَاهُ وينصحه ويطيعه فِي أمره مقبل على أمره الَّذِي وكل بِهِ موفيا لوظيفته الَّتِي وظفت عَلَيْهِ من الْعَمَل وَكَانَ هَذَا العَبْد الْوَاحِد من بَينهم يوفر على الْملك وظيفته من الْعَمَل وَمَعَ ذَلِك يطوف على هَؤُلَاءِ العبيد ويحث كل وَاحِد مِنْهُم على الْقيام بِعَمَل الْملك وبتوفير مَا وظف عَلَيْهِ والإشفاق على أَعماله ويجل بصدورهم أَعماله ويصف لَهُم قدر الْملك وغناه وسعته وقوته ويؤملهم كرمه وجوده وَحسن خلقه وَجَمِيل مُعَامَلَته ومحاسن مَا أَتَى إِلَيْهِم وَعطف عَلَيْهِم ويحثهم على النَّصِيحَة لهَذَا فِي رعي أغنامه وَلِهَذَا فِي صناعته وَلِهَذَا فِي تِجَارَته ويعينهم على ذَلِك