فَهَؤُلَاءِ صنف لم يمن الله عَلَيْهِم بِنور الْهِدَايَة وَمن هداه حبب إِلَيْهِ الْإِيمَان بحبه وزينه فِي قلبه بِالْعقلِ الَّذِي هدى إِلَيْهِ فَثَبت على التَّوْحِيد ووفى بِلَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ اقْتَضَاهُ الطَّاعَة فِي الْأَمر وَالنَّهْي
فَكلما وفى العَبْد بِهَذِهِ الطَّاعَة فِي جَمِيع متقلبه وَوَقع عَلَيْهِ الْجهد والتعب واجتهد وَاحْتمل التَّعَب كَانَ إِنَّمَا يعْمل فِي اتساع هَذِه الروزنة وانقشاع هَذَا الْهوى فَلَا يزَال يوسعها حَتَّى تغيب فِي نواحي صَدره إِلَى جَوْفه فَيبقى هُنَاكَ مسجونا فَيَمُوت فِي الْغم غم الْجوف لِأَنَّهُ لما جَاءَهُ النُّور الأول حَتَّى خرق تِلْكَ الروزنة كَانَ ذَلِك من الْمِنَّة فَقبل أَمر الله فِي أَن يطيعه فِي كل أُمُوره كَهَيئَةِ العبيد فيعبده بِالطَّاعَةِ فابتلاه بِالْأَمر وَالنَّهْي لينْظر كَيفَ وفاؤه بِمَا أَمر وَقبل فَكلما أطَاع فِي أَمر أمد من ذَلِك النُّور فَلَا يزَال فِي مزِيد من المدد فَكلما صعد إِلَى الله مِنْهُ طَاعَة أمده الله بمدد من ذَلِك النُّور فَإِذا جَاءَ النُّور الزَّائِد وَقع على الْهوى فرحله عَن مَكَانَهُ وَاسْتقر فِي مَوْضِعه فَلَا يزَال هَذَا دأب العَبْد فِي الطَّاعَة وشأن الله تَعَالَى فِي الْمَزِيد حَتَّى يطبق الصَّدْر بِالنورِ ويغيب الْهوى كُله من نواحي الصَّدْر إِلَى الْجوف لِأَن الْهوى مظلم فَإِذا جَاءَ مدد النُّور ومزيده أشرق ذَلِك الْمَكَان وَغَابَتْ ظلمَة الْهوى حَتَّى يمتلئ الصَّدْر نورا كَمَا كَانَ ممتلئا من الْهوى وتشرق الشَّمْس بكاملها من قلبه فِي صَدره فَإِذا لاحظ بِنور تِلْكَ الشَّمْس ملك العظمة سبى قلبه حب الله وَإِذا