القسم الثاني: من يدرك بطلان ما هو عليه، لفساد نتائجه، وآثاره، وغير ذلك. لكنه لا يسلم بعجزه عن الاهتداء إلى الطريق القويم، بل هو مقتنع أنه سيصل ببحثه وجهده إلى ذلك، فيضل يبحث ويكدح دون جدوى.
القسم الثالث: من أدرك بطلان ما هو عليه، وأخذه اليأس من الوصول إلى الطريق القويم، لعلمه أن ما قُدِّم على موائد الفلسفة لا يخلو من الفساد والتناقص، وأن فرص التطبيق التي أتيحت للنظريات السلوكية لم يحالف واحدة منها النجاح في الاهتداء إلى النظام والسلوك الأمثل. وأن كلاً منها وإن حقق جانباً من الصلاح إلا أنه أنتج أضعافه من الفساد. ولم يفلح أي منها في تقليل نوازع الشر عند الإنسان، وتحقيق الطمأنينة والسعادة له.
ومن هؤلاء من أسلمه اليأس إلى الإِحباط، وعاش في الحياة عيشة منفلتة، بلا هدف ولا غاية، معطلاً لعقله، يائساً من أمره، فحاله كما وصفها اللَّه بقوله: {أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} 1.