القسم الثالث: إفادة المثَل حقائق علمية ثابتة في نفسها، وإِن لم تكن مسلمة عند كل المشتغلين بتلك العلوم.
والفرق بين هذا القسم والقسمين السابقين، أن السابقين يتعلقان بالعلوم المادية القائمة على المشاهدة والتجربة المحسوسة ويتفق العلماء المتخصصون بها على حقائقها غالباً. وكل منهم يستطيع التحقق بنفسه إذا هيئت لهم الوسائل.
أما هذا القسم فمداره على التفكر والتعقل. فهي أمور عقلية يبحثها الفلاسفة والنظار فيما يسمى بعلم النفس والاجتماع ونحوها.
إلا أنه لا يدركها إلا ذوو البصائر المستنيرة، الذين ينظرون نظراً صحيحاً، ويحسنون استخلاص العبر والعواقب والعلل، الذين استنارت عقولهم واستلهموا الهدى من نور اللَّه ووحيه.
فهذا القسم لا يدركه إلا أولو الألباب. كما قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الألبَابِ} 1.
وقوله - سبحانه -: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي