ومما جعلهم - أَيضا - يقعون في كثير من المتناقضات.1
ثم بين ما يرى أنه المنهج الوسط في تناول هذه القضايا. فقال: "وأما الفئة الثالثة، وهي فئة جماهير علماء المسلمين، فهي فئة التوسط بين جانبي الإِفراط والتفريط.
فلم تجمد هذه الفئة جمود الفئة الأولى، ولم تتهور تهور الفئة الثانية.
ولكنها عمدت إلى الآيات التي لها مساس بالعلوم، وفهمتها بناء على ضوء المعارف الحديثة اليقينية، لا الظنية، وفي نطاق قوانين الشرع العامة، وقواعد اللغة الثابتة، فرأت فيها ما يدل كل ذي عقل على أن هذا القرآن ليس من عند البشر، وإِنما هو من عند اللَّه، وإلا لما كان من الممكن قول مثل تلك الآيات في تلك القرون الخالية، التي لم يكن الإِنسان عارفاً فيها شيئاً عن الحقائق العلمية الحديثة.
ولم يضرها أبداً أن تقف عند ظاهر النص القرآني إذا كانت دلالته قطعية، وإِن كان يتعارض مع بعض النظريات العلمية الرائجة، جازمة بأن الخطأ في النظرية العلمية، وأن على أصحابها أن يبحثوا عن وجه الصواب في موضوعها.
وإلا فمن المحال أن يتعارض الدين مع العلم، أو القرآن مع القوانين اليقينية الثابتة.