والحكمة من خلقه، ومصيرهُ بعد الموت، إذا قورن مع تصوير المثَل لحيرة الكفار، تبين انطباق المثَل ودقة تصويره لذلك. فالمثَل يصور الكائن في أعماق المحيط في ظلمة تامة إذا أخرج يده لم يكد يراها، والظلمة التامة تتضمن الجهل التام، وعدم القدرة على تبين أي معلم من معالم الطريق. فما أقرب هذا التصوير لحال هذا الشاعر الحيران التائه الذي لا يدري ولا يدري لماذا لا يدري في هذه المطالب العزيزة، التي تتوقف عليها طمأنينة القلوب، وسعادتها، والفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة.
أما أهل البصائر وأولو الألباب فإنهم يعرفون لماذا لا يدري؟
إِنه لا يدري لأنه أعرض عن وحي اللَّه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وحشد في دواوين شعره معارضته، والتقول على اللَّه، ومعارضة حكمته وقدره - سبحانه -، فأنى له أن يدري؟ وكيف يدري وهو معرض عن نور اللَّه؟ ونور اللَّه محجوب عنه؟
{وَمَن لّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ} .
نسأل اللَّه السلامة من حال أهل الظلمات.
ويشترك مع هذا الشاعر غيره من الكفار في هذا الإحساس.
إلا أنه استطاع بما أُعطي من موهبة شعرية أن يعبر عن ذلك.
ولذلك تجد كثيراً من الكفار يُسَرَّوْن بمثل هذه الأشعار لأنها تصف