كوناً يستلزم منع الفعل. كما قال تعالى: {وَلَوْ شَآء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} 1.
وقال: {وَلَوْ شَآء اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} 2.
ومعلوم أن قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} ، ليس المراد منه أن اللَّه هو الذي باشر الاقتتال. وإنما أراده وأذن به كوناً وهيأ أسبابه التي لو لم تكن لما حصل اقتتال. وهذا هو فعله الذي تحققت به إرادته لاقتتالهم.
فالاقتتال منسوب إلى اللَّه إرادة وإذناً وتمكيناً، ولولا ذلك ما حصل، ومنسوب إليهم مباشرة ومزاولة.
قال ابن القيم - رحمه اللَّه -: "إحداث اللَّه - سبحانه - لها بمعنى أنه خلقها منفصلة عنه قائمة بمحلها وهو العبد، فجعل فاعلاً بما أحدث فيه من القدرة والمشيئة. وإحداث العبد لها بمعنى أنها قامت به وحدثت بإراداته وقدرته.
وكل من الإحداثين مستلزم للآخر، ولكن جهة الإضافة مختلفة، فما أحدثه الرب - سبحانه - من ذلك فهو مباين له، قائم بالمخلوق، مفعول له لا فعل. وما أحدثه العبد فهو فعل له قائم به، يعود إليه حكمه، ويشتق له منه اسمه..