وذلك يكون: بإزالة الموانع، وتهيئة الأسباب، وإقداره على الفعل.
وبدون ذلك لا يستطيع العباد أداء أفعالهم.
ولذلك سُمّي إذناً كونياً لتضمنه فعل اللَّه تعالى.
ونُسِب الفعل إلى اللَّه، لكون العبد لا يستطيع الفعل بدونه، إذ هو الذي أذن بالفعل، وأزال موانعه، وهيأ أسبابه، ويسر الفعل، وأقدره عليه.
ولا ينسب الفعل إلى اللَّه مزاولة ومباشرة، وإنما ينسب إليه إرادةً وإذناً وتمكيناً.
مثال ذلك:
لو أن ولداً طلب الإذن من والده في الزواج من امرأة بعينها، فوافق الوالد وأذن له بالزواج منها. وكان الولد قادراً على نفقات الزواج ولا يحتاج من والده إلا إذنه وموافقته.
فهذا إذن مجرد من الفعل، لا يتطلب من الآذن إلا الموافقة، ولا يقال فيه إن الوالد زوج ولده لمجرد إذنه له بالزواج. أما إذا كان الولد لا يستطيع الزواج من تلك المرأة، لغلاء مهرها الذي لا يملك منه شيئاً، أو لممانعة والدها، أو لغير ذلك من الموانع التي لا يستطيع تجاوزها إلا بمساعدة والده، فإِنه إذا قال لوالده زوجني من فلانة، نما يريد منه ما هو أبعد من الموافقة! يريد إذناً يستلزم فعلاً.
والوالد قد يقول لا أريد تزويجك منها، فلا يأذن بزواجه منها ولا يُمكنُه. فينتهي الأمر، إذ أن الولد لا يستطيع، والوالد لم يأذن.