الناس ولا زال شَابًّا لم تبقل لحيته (?) ثم اكتمل أمره، فتزاحم عليه الطلبة وعلماء الحديث زِحَامًا شَدِيدًا (?) وكثر تلاميذه والرواة عنه حتى لا يحصرون، ومنهم علماء أَجِلاَّءَ تَخَرَّجُوا عليه وكانوا أئمة كبارًا.
الرُوَّاةُ عَنْهُ:
فَمِمَّنْ روى عنه من شيوخه: إسحاق بن محمد الرمادي، وعبد الله بن محمد المُسْنَدِيِّ، ومحمد بن خلف بن قتيبة. ومن الأئمة: إبراهيم الحربي، ومحمد بن نصر المَرْوزِيِّ، وغيرهم كثير، من خاصتهم مسلم بن الحجاج، وأبو عيسي الترمذي، فقد تخرجا به وَأَكْثَرَا من الاعتماد عليه (?).
كذلك كان البخاري في غاية الفضل والكمال، لما تَحَلَّى به من كريم الخصال وجميل الصفات: فالبخاري سَخِيُّ النفس، يتفق ما يجده في وجوه الخير ولا يدخر، مُتَعَبِّدٌ، مُكْثِرٌ من تلاوة القرآن، وَرِعٌ في معاملاته، يتقي أَدْنَى شُبْهَةٍ. وكان شديد الاحَتَّىاط في حقوق العباد، حتى إنه قَلَّمَا يُصَرِّحُ بتجريح الرواة، وأكثر ما يقول: «مُنْكَرُ الحَدِيثِ، سَكَتُوا عَنْهُ»، «فِيهِ نَظَرٌ» حَتَّى كان هذا التعبير «مُنْكَرُ الحَدِيثِ» اصْطِلاَحًا خَاصًّا لَهُ (?).
فهو بحق فاضل العلماء وعالم الفضلاء (?).