وأفاد منهم، فمن شيوخه: محمد بن يوسف الفِرْيَابِيُّ صاحب " المسند " (212 هـ)، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنِ مُوسَى العَبْسِيِّ (123 هـ)، وأبو بكر عبد الله بن الزبير الحُمَيْدِيُّ صاحب " المسند " (219 هـ) (?)، ومنهم الإمام إسحاق بن إبراهيم المشهور بِابْنِ رَاهُوَيهْ، والإمام أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني إمام عصره كافة، وقد أكثر عنه وَتَخَرَّجَ عليه، وغيرهم من الشيوخ لا يحصون كثرة.
وقد اتجه منذ حداثته إلى الفقه، فقرأ فقه أهل الرأي، ثم أخذ - بَعْدُ - فقه الشافعي، وفقه الإمام مالك أَيْضًا (?). وكانت صلته بفقه الإمام أحمد بن حنبل متينة قوية، فجمع فقه المدارس الاجتهادية في عصره مِمَّا ساعده على الاستقلال برأيه. حيث انتفع كثيرًا من طريقة أهل الرأي في الاستنباط ودقة النظر، ثم باطلاعه على نقد أهل الحديث لهم على وفق الحديث، فكان ذلك تَمْهِيدًا للإمام البخاري أن يكون له نظر ممتاز وفقه اجتهادي، خصوصًا ولم يكن في ذلك العصر جمود المُقَلِّدِينَ لِلْمَذَاهِبِ، بل كانوا يتفقهون ويستدلون فيوافقون أو يخالفون.
وقد اشتهر البخاري بالفقه، واعترف له بالاجتهاد، حتى قال نعيم بن حماد: «مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمِاعِيلَ البُخَارِيُّ: فَقِيهُ هَذِهِ الأُمَّةِ»، وَسَمَّاهُ شيخه محمد بن بشار: «سَيِّدُ الفُقَهَاءِ» (?).
وكان البخاري ذا مواهب عظيمة، فظهر علمه وفضله من وقت مبكر، فأخذ عنه