الام للشافعي (صفحة 744)

قَالَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الرَّهْنِ، وَكَانَ فِي الرَّهْنِ كَغَرِيمٍ غَيْرِهِ، وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِنْ وَلَدَتْ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَإِنْ لَمْ يُكْرِهَّا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى جَهَالَةً لَمْ يُعْذَرْ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أَسْلَمَ حَدِيثًا أَوْ كَانَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ.

وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْجَارِيَةِ أَذِنَ لَهُ، وَكَانَ يَجْهَلُ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَلَحِقَ الْوَلَدُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ يَوْمَ سَقَطُوا، وَهُمْ أَحْرَارٌ، وَفِي الْمَهْرِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا. وَالْآخَرُ: لَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَهَا، وَمَتَى مَلَكَهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَتُبَاعُ الْجَارِيَةُ وَيُؤَدَّبُ هُوَ وَالسَّيِّدُ لِلْإِذْنِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) : إنْ مَلَكَهَا يَوْمًا مَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا، وَهُوَ يَمْلِكُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الرَّاهِنَ الْمَالِكَ، وَهَبَهَا لَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَاعَهُ إيَّاهَا أَوْ أَعْمَرَهُ إيَّاهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ اقْتَصَّهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَخَارِجَةً مِنْ الرَّهْنِ إذَا صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ كَانَ الرَّاهِنُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ فَالْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا رَقِيقٌ إذَا عُرِفَ مِلْكُهَا لِلرَّاهِنِ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ.

وَإِذَا أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أُحْلِفَ لَهُ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ عَلَى عِلْمِهِمْ فِيمَا ادَّعَى مِنْ خُرُوجِهَا مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ إلَيْهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) : وَلَهُ فِي وَلَدِهِ قَوْلٌ آخَرُ إنَّهُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَيَغْرَمُ صَدَاقَ مِثْلِهَا.

[جَوَازُ شَرْطِ الرَّهْنِ]

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَذِنَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فِي الرَّهْنِ مَعَ الدَّيْنِ، وَكَانَ الدَّيْنُ يَكُونُ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الْحُقُوقِ، وَكَانَ الرَّهْنُ جَائِزًا مَعَ كُلِّ الْحُقُوقِ شُرِطَ فِي عُقْدَةِ الْحُقُوقِ أَوْ اُرْتُهِنَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُقُوقِ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الرَّهْنَ زِيَادَةُ وَثِيقَةٍ مِنْ الْحَقِّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَعَ الْحَقِّ مَأْذُونٌ فِيهَا حَلَالٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِالْحَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا جُزْءٍ مِنْ عَدَدِهِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ رَجُلًا شَيْئًا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ يَعْرِفُهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَلَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ تَامًّا حَتَّى يُقْبِضَهُ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ مَنْ يَتَرَاضَيَانِ بِهِ مَعًا، وَمَتَى مَا أَقَبَضَاهُ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَا إلَى الْحَاكِمِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّمَهُ؛ لِيَقْبِضَهُ فَتَرَكَهُ الْبَائِعُ كَانَ الْبَيْعُ تَامًّا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ ارْتَفَعَا إلَى الْحَاكِمِ وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ أَنْ يُقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا إلَّا بِأَنْ يُقْبِضَهُ إيَّاهُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ هِبَةً فَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ لَهُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ رَهْنًا فَلَمْ يَدْفَعْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ إلَى الْبَائِعِ الْمُشْتَرِطِ لَهُ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي إتْمَامِ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ أَوْ رَدِّ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي دُونَ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَهَنَهُ رُهُونًا فَأَقْبَضَهُ بَعْضَهَا، وَمَنَعَهُ بَعْضَهَا، وَهَكَذَا لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَحْمِلْ لَهُ بِهَا الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَطَ حِمَالَتَهُ حَتَّى مَاتَ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي إتْمَامِ الْبَيْعِ بِلَا حَمِيلٍ أَوْ فَسْخِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِذِمَّتِهِ دُونَ الْحَمِيلِ.

وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي فَسْخَ الْبَيْعِ فَمَنَعَهُ الرَّهْنُ أَوْ الْحَمِيلُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ هُوَ نَقْصٌ يَكُونُ لَهُ بِهِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ وَزِيَادَةَ رَهْنِ أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِهِ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا فَسَادٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ إنَّمَا انْتَقَصَ شَيْءٌ غَيْرُ الثَّمَنِ وَثِيقَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ لَا مِلْكٌ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَاسِدًا فَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ.

وَهَكَذَا هَذَا فِي كُلِّ حَقٍّ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ فَشَرَطَ لَهُ فِيهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ بِعِوَضٍ أَعْطَاهُ إيَّاهُ فَهُوَ كَالْبَيْعِ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015