الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا وَالْجَارِيَةُ حُبْلَى لَمْ تُبَعْ حَتَّى تَلِدَ ثُمَّ تُبَاعُ، وَلَا يُبَاعُ، وَلَدُهَا، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ مُنْذُ مُدَّةٍ ذَكَرُوهَا فِي وَطْءِ أَمَتِهِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ السَّيِّدِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ السَّيِّدِ بِحَالٍ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ مِنْ غَيْرِهِ بِيعَتْ الْأَمَةُ، وَلَا يُبَاعُ الْوَلَدُ بِحَالٍ، وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ رَهْنًا مَعَ الْأَمَةِ، وَإِذَا رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ زَوَّجَهَا بَعْدَ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يُمْنَعْ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا وَالْبِنَاءِ بِهَا، فَإِنْ وَلَدَتْ فَالْوَلَدُ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنْ حَبِلَتْ فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ثُمَّ تَكُونَ الْجَارِيَةُ رَهْنًا وَالْوَلَدُ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ، وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: إنَّمَا يَمْنَعُنِي مِنْ بَيْعِهَا حُبْلَى وَوَلَدُهَا مَمْلُوكٌ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُمْلَكُ بِمَا تُمْلَكُ بِهِ الْأُمُّ إذَا بِيعَتْ فِي الرَّهْنِ، فَإِنْ سَأَلَ الرَّاهِنُ أَنْ تُبَاعَ وَيُسَلَّمَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَذَلِكَ لَهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُبَاعُ حُبْلَى، وَحُكْمُ الْوَلَدِ حُكْمُ الْأُمِّ حَتَّى يُفَارِقَهَا فَإِذَا فَارَقَهَا فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ جَارِيَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا دُونَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ ثَمَنَهَا وَيَمْنَعُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا وَحَلَّ الْحَقُّ مِنْ بَيْعِهَا، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُزَوِّجَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ، وَأَيُّهُمَا زُوِّجَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى التَّزْوِيجِ قَبْلَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ.
وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَهْنًا إلَى أَجَلٍ فَاسْتَأْذَنَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَأَذِنَ لَهُ فِيهِ فَبَاعَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، وَلَا أَنْ يَأْخُذَ الرَّاهِنَ بِرَهْنٍ مَكَانَهُ، وَلَهُ مَا لَمْ يَبِعْهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي إذْنِهِ لَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنْ رَجَعَ فَبَاعَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْإِذْنِ لَهُ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ، وَقَالَ: إنَّمَا أَذِنْتُ لَهُ فِي أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي ثَمَنَهُ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَقُلْ لَهُ أَنَفَذْت الْبَيْعَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، وَلَا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَذِنْتُ لَهُ وَشَرَطْتُ أَنْ يُعْطِيَنِي ثَمَنَهُ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: أَذِنَ لِي، وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَتَّى يَجْعَلَهَا رَهْنًا مَكَانَهُ، وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ حَقَّهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ.
وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ فَبَاعَهُ عَلَى ذَلِكَ فَسَخْتُ الْبَيْعَ مِنْ قِبَلِ فَسَادِ الشَّرْطِ فِي دَفْعِهِ حَقَّهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ بِأَخْذِ الرَّهْنِ فَإِنْ فَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي بِمَوْتٍ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ كَانَ مَرْدُودًا وَتُوضَعُ قِيمَتُهُ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي إلَيْهِ الْحَقُّ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِتَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ تَطَوُّعًا مُسْتَأْنَفًا لَا عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ، وَكَانَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا الَّتِي أَذِنَ لَهُ فِيهَا أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يُقْبِضَهُ ثَمَنَهُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ فَكَانَ فِيهِ غَيْرُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ ثَمَنَهُ وَثَمَنُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِحَقٍّ حَالٍّ فَأَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَقَّهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَ الرَّهْنِ، وَلَا يَحْبِسَ عَنْهُ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الْحَقِّ فِي مَالِهِ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا أَجَزْنَاهُ هَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِهِ، وَإِيفَائِهِ حَقَّهُ قَبْلَ شَرْطِ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ فَيُعْطِيهِ الْحَقَّ، وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَحِلَّ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي إذْنِهِ لَهُ مَا لَمْ يَبِعْهُ فَإِذَا بَاعَهُ وَتَمَّ الْبَيْعُ، وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ أَوْ قَبَضَهُ فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَ ثَمَنِهِ مِنْهُ عَلَى أَصْلِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ لِنَفْسِهِ فَبَاعَ فَكَانَ كَمَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً، وَقَبَضَهُ أَوْ كَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي فَسْخِ الرَّهْنِ فَفَسَخَهُ، وَكَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ مَالًا مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ فِيهِ وَغَيْرُهُ مِنْ غُرَمَائِهِ أُسْوَةً.
وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ فَهُوَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْإِذْنِ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ قَدْ فَسَخْت فِيهِ الرَّهْنَ أَوْ أَبْطَلْته، فَإِذَا